شريط اخبار شخبطة ملوكى

السبت، مارس ٢٢، ٢٠٠٨

---<@ جاء الربيع @>---

جاء الربيع
*****

ما اسعد قلبيهما فقد احس كل منهما ان هناك بعيدا بعيدا فى مكان ما على سطح الارض من يهتم به، و يدعو له ، ما اسعد قلبيهما ان وجدا تحت تلك الشمس الساطعة مكانا لتبادل تلك المشاعر الراقية، وجدا المؤنس و العزيز و القريب، وجدا الربيع.
لعل كل منهما لا يعلم انه اهدى الربيع الى الاخر ، و لكنه حقا قد فعل ،نعم جاء الربيع على كل الدنيا ولكن ربيعهما مختلف ، لم يستشعراه الا بعد ان تأمل كل منهما الاماكن حوله ، و تحسس موضع سير من بقلبه و تعطر بانفاسه ، ربما وقع على ناظري احدهما ابتسامة تأتيه مع الصباح فابتسم الكون جميعه من حوله ، لعله احدهما تذكر صوت البعيد فغردت الطبيعة معه لحنا رومانسيا تخلل خلايا القلب فجاء الربيع ، لعله احدهما تذكر او تفكر او تخيل ان الذى هناك هنا معه، وان الذى هو موقن انه بعيد قريب حد القلب ، وان الذى ظنه مستحيلا اصبح حقيقة وواقعا امامه ، فحادثه كما كان يهوى دائما بخيالاته ، استحضره فجاء فتزين المكان بازهار و عطر و جمال فجاء الربيع.
نعم لا يوجد مكان يجمعهما الا فى عالم القلوب ، حيث يعلم كل منهما صدق الاخر، لم يبح اى منهما بشئ ، ولكنهما احسا واستشعرا ، لمسا وتنفسا و اشتما ، احسا انهما معا ينعمان بالخلود فى عالم ملئ بالاموات، ماذا كسب الكثيرون وهم معا، لعل الجميع لم يعرف او يقدر ، ولكنهما يعيشان كروح فى جسدين ، يشعر كل منهما الم الاخر و افراحه رغم اختلاف الاماكن والاف الاميال التى تفصلهما و رغم كل الحدود و العوائق و المستحيلات ، يعرف كل منهما كيف يمر الوقت على من هو هناك بطيئا مملا و سخيفا فى كثير من الاحيان ، وقتها يشتم كل منهما عبق عطرالاخر فى الاماكن، يعلم انه قد مر من هنا ، و يعلم انه قد جلس هنا ، ويعلم انه تنفس هذا الهواء من قبل واسكنه الحياه ليحملها رغم البعد ليهدى بها عمرا و حبا و مشاعرا، فقد عانق قلبا رقيقا مرهفا و تعطر من رقته و عذوبته فملأ الدنيا حوله رحيقا و جمالا ورونقا ، فجعل الدنيا حوله باول فصل الربيع.
يعلم كل منهما انه قد يمر ربيع و ربيع ولم يتحقق الحلم ، ولم يسمع كل منهما عمن هناك ، قد لا تلتقى العيون ، و لا تتصافح الايادى ، ولا تتمايل الكلمات على الشفاه ، و لكن ما يعلماه جيدا ان كل منهما يعيش فى الاخر ، يتنفسه مع كل شهيق حتى يكاد يضن بالزفير ، يراه فى كل حلم حتى لا يزهد ان يستيقظ ابدا ، يسمعه فى كل حين حتى وسط الضجيج لا يتبين الا صوته هو ، يراه فى كل الاماكن وفى كل الوجوه حتى اصبحت كل الوجوه هى صورته.
اختفت كل الاصوات دونهما و انتفت كل الاحلام الا هما ، و ضاعت كل الملامح الا ملامحهما .
*****
قد تمر فصول
قد تمر سنون
قد يمر العمر
قد يموت الكون باسره
ولكنهما ينعمان بصبحة احدهما الاخر فى ربيع مختلف
نعم ربيع مختلف
*****

طارق المملوك
22-3-2008

الثلاثاء، مارس ١٨، ٢٠٠٨

قصيدة / هو انتى ليه قاسية كده

هو انتى ليه قاسية كده
*****

هو انتى ليه قاسية كده..
هو انتى ليه واثقة قوى .. ومتاكده .. انى هاضيع ..
مش حاسه ليه انك خسارة تضحكى ..
حب الشتا .. مات ف الربيع ..
مات الرضيع ..
وانتى اللى ضيعتى مش انا ..
فاكره زمان .. مش من بعيد ..
لما التقيتك من سنين او من سنة ..
حيرانه .. تايهه .. بين شطوط ارض الهنا ..
وسط الظنون ..
بين العواصف و السواد سكن العيون ..
وانا كنت تايه جنب منك .. بلمحك ..
رغم ان انا .. ما لمحت ايدى الممدودين ..
صرت الدليل .. بين النجوم المكسوفين..
كنت المعاد .. و بايدى زاد ..
اسهر انام .. اقعد .. اقوم ..
كنت القمر ..
كنت الجنود .. و الدنيا ليل ..
كنت السدود .. كنت البشر ..
ضيعتى عاشق رجعك بر الامان ..
وقطعتى ايد تتمدلك .. توهب حياه ..
ودبحتى قلب بيكتبك .. عمره و هواه ..
عشقك صحيح .. هو اللى تاه ..
بردك قتلنى .. بقسوته ..
طفى الشموع وبحسرته.. كسر قلوع مركب امل ..
قلبى اللى دوستيه بقسوتك .. حبك زمان من غير ملل ..
حتى الضلوع ضاقت ف صدرى اللى اندبح ..
من غير خجل ..
بتحاوط القلب الجريح ..
وبتعصره بضمه قسى ..
ضمة ضريح ..
مقهور يا قلبى ياللى مات ..
من غير امانى .. و اللى فات ..
قول يا زمن .. اصرخ ف قلبى اللى انخدع ..
واكتب تاريخ .. قلب الجدع ...
كل الفصول راح تنكتب ..
ضاع الخريف ..راح الشتا .. هرب الربيع..
قرب يدوب وقت الحساب ..مرعب .. فظيع ..
وبحد سيف .. هايجينا صيف ..
كل الى فات راح ينكشف ..
مين اللى حب .. ومين هرب ..
مين اللى خد .. بعدين غضب ..
مين اللى كان عطشان زمان .. ولما شرب ..
عكر ينابيع الحنان ..
راح تنقلب ..كل الحقايق تنكسف ..
وهاتنكتب..
مين اللى فات ..
مين اللى ضاع ..
مين اللى فينا يتقتل .. مين البرئ ..
مين اللى دمر جنته .. وسكن الحريق ..
مين اللى قاتل فرحته .. ومين اللى صار ..
مذنب اكيد ..
والكل ثار .. يهتف يقول والله حرام ..
*****
هو انتى ليه قاسية كده..
هو انتى ليه واثقة قوى .. ومتاكده .. انى هاضيع ..
هاقدر اعود ..
والنور هايقتل وحدتى ..
هاقدر اقوم من كسرتى ..
قلبى القوى راجع حياته بيكرهك ..
و كتاب حراجه هيتقفل .. وهايوجعك ..
لو لسه فى عروقك ضمير ..
راح تعرفى .. حكم الزمن ..
راح تنتفى ..
راح تختفى ..
عند الشطوط .. و البحر اسود يندهك ..
وف قلب ليل ..
هافضل انا ف بر الامان .. وهاودعك ..
راح تركبى بنفس الشطوط ..
وهاترجعى لنفس المصير ..
بس بحقيقى هاتوحشينى .. واوعدك ..
مش هاوحشك ..
*****
طارق المملوك
15-3-2008

الخميس، مارس ١٣، ٢٠٠٨

الموت عطاءا
*****


كعادته كل صباح يخرج مستقبلا صباح يوم جديد مستبشرا هادئ النفس راضيا، يتفقد حديقة قصره الذى يقطنه وزوجته ، قصر غريب فى طرازه ، وكانه قد جاء من الماضى ليسكن عصرنا و يذكرنا كم اصبح زماننا بلا لمحة جمال، عصرا جامدا بلا روح و لا مضمون ولا معنى، بلا حقائق او ثوابت ، قد تجاوز من العمر عقودا ست و زوجته تصغره بقليل، كان عنده داء العطاء بلا حدود فاجتمع له من يحبه و يدعو له ويملئ حياته بالبهجة و الفرحة كما ملأت زهوره و عبيرها حدود قصره بالبهجة و الجمال، وكما يملؤ صوت الماء الذى ينساب على شاطئ النيل المواجه لقصره نفسه بالسكون و الراحة و الصفاء.
ظل طاهر يعطى و يعطى عطاءا لا يجف ولا ينضب له معين، لدرجة جعلت من يعرف بعطاءه يشبهه بزمزم التى لا ينضب خيرها و عطاؤها ابدا ، جلس كعادته على كرسيه الذى لا يغير مكانه فى مواجهة الشارع المقابل لقصره يطالع خطابات كثيرة تاتيه من اقرانه من اصحاب الخير يطلبون مساندته و مساعدته ، وكذلك من أناس لا يعرفهم ارشدتهم افعاله الخيرة و عطاؤه اللامحدود ووضعتهم فى طريقه المزين بالامل و الورود، يطلبون يد العون و الاغاثة ، فحمد ربه على ما وهبه له من حب الناس ومن الفرص التى يهيؤها له الله عز و جل لفعل الخير..
استفاق ذهنه على صوت كهدير موج البحر يتكسر على شاطئ صخرى ، كان الصوت قادما من بيت جاره عشمان، ذاك الجار الذى عاش دنياه بمفرده بعد وفاة والديه وكان وحيدهما ، و انساه الزمان ان تكون له اسرة و مؤنسا ، قاده انطواءه و عزلته الى وحدة عصفت بحياته و كيانه، و خاصة بعد ان فقد ثروة عائلته التى تخطت الملايين بعد تاميم الدولة لثروة ابيه ، ولم يبق له منها الا ذلك البيت الذى لم يستطع منذ سنين طويلة حتى مواصلة دفع رسوم خدمات الكهرباء و الهاتف له ، كان ذلك تحديدا منذ اكثر من عشر سنوات ووقتها تطوع طاهر ان يرفع عنه الحرج ، و ان يقوم هو بتحمل تلك المصروفات عنه بدون علم زوجته، فقد كانت و عشمان زملاء عمل، و بعد فترة من الزمالة الجميلة حدث سؤ تفاهم بينهما ادى الى قطيعة منذ زمن طويل، لم يستطع طاهر رغم محاولاته مع زوجته ان يعرف السبب الذى ادى لذلك تفصيلا ، و لكنه بالكاد يعلم انه مخالفة بالعمل ادت لتحويل عشمان للتحقيق امام الجهات المسئولة ثم فصله بعدها ، وحتى عندما اراد طاهر ان ينقى اجواء ذلك الخلاف عندما بدأ مساعدة عشمان رفض هو تلك المحاوله و رفض مقابلته و زوجته بعد ان جاهد طويلا لاقناعها بتلك الزيارة ، مما زاد الطين بلة و ادى الى قيامه بتلك المساعدة فى السر لعلمه برفض زوجته الكامل ورغم انه ما تعود ان يخفى شيئا عن زوجته طيلة عمره.
تنبه طاهر الى الصوت مرة اخرى و ادرك ان عشمان يواجه ماساة جديده بديون قد تراكمت عليه و ان مدينه قد فاض به الكيل مما جعله يتجاوز فى حق عشمان، ادرك طاهر ان الوقت قد حان ليقوم بما قد انتواه منذ فترة طويلة ، و عزم امره على تنفيذ ما خطط له فى التو و اللحظة، اسرع طاهر فارتدى ملابسه و ذهب الى عشمان و دعا الله ان يتقبل ، و ان يعينه على مواجه ذلك الامر و تبعاته التى لن تكون على ايه حال بسيطة و هينة .
دخل طاهر بوابة بيت جاره عشمان و بدا كلماته التى ينتقيها بكل حرص و دقة ، فهو يعلم ان عشمان رغم حاجته تملؤه عزة النفس و الكبرياء، وبكل صدق و حب و بعد مقدمة طويلة عن جيرة العمر و ذكريات الماضى بين اسرتيهما ، ابرز فيها طاهر كل ما يكنه لعشمان من تقدير و اعزاز ومواساة لحاله فان الوحدة ابتلاء و عمل اقدم عليه باختياره و يجب ان يصبر و يصابر ، وان المال يذهب و ياتى ولا يملك الفرد منا فى هذه الدنيا الا هبة الله له تاتى و تمنع فى احيان، و ان ذاك الابتلاء رضا من الله عز و جل و ما علينا الا السعى و الاجتهاد و التوجه بالدعاء الى الله بان يلهمنا الصبر و الحمد، وبدت قسمات وجه عشمان فى اللين و الهدؤ و ادركته سكينة و راحة بال، و كان هذا ما يخطط له طاهر وهنا بدا فى تنفيذ ما قرره فناول عشمان شيكا بمبلغ كبير يكفيه لسداد جزء كبير من ديونه التى تراكمت ووعده بمثل ذاك المبلغ فى اول كل شهر حتى يقضى الله امرا كان مفعولا و انه جاهز فى اى وقت لاى مطلب اضافى، وبعد تردد للحظات تناول عشمان الشيك شاكرا و داعيا له بحسن الجزاء و البركة ، احسن طاهر حينها بحب جارف تجاه عشمان ، وادرك كم يحتاجه ذاك الرجل ليكون سندا وونيسا له فة تلك الحياة ، وكم ذا يحتاجه طاهر نفسه يحتاج رفيقا فة مثل سنه يفهمه و يسامره و يؤنسه بعد مرض زوجته الاخير الذى ابعدها عن دنياه الى عالم من خيالات ، نادرا ما تستفيق منه و تشاركه عالمه و لكن فى الفترة الاخيره ظلت تتهمه بالتبذير كما تدعى وان عطاءه هذا ما هو الا سفه ، لم يغضب فهو يعلم كما قال له الطبيب انها تهذى بما لا تقصده فلا يدقق ولا يرد ، شفاها الله تلك الزوجة الطيبة التى رغما عنها تركت عالم طاهر فارغا ملئ بهموم لا يستطيع الافصاح عنها لاحد.
وبعد مرور شهرين من المواظبة الكاملة و الرعاية ورغم كل ما يعلمه من قطيعه و ربما كره يحمله قلب زوجته لعشمان ، و يعلم كم هى مريضه وانها له تفهم ما يقصده وهى فى عالم اخر لا تدرك قيمة تلك الكلمات و قيمة تلك العلاقة الجديدة التى اصبح عمادها حب جارف ، الا انه قد قرر ان يبوح لها بفعلته كى يرتاح ضميره الذى لم يستطع ابدا اخفاء اى شئ عنها ، و بالفعل ثارت و غضبت ولم تسترح حتى وعدها بانه لن يكرر فعلته وانه كان خطأ ولن يعود له ابدا، كان يريحها فلن تمنعه ثورتها من فعل الخير ، وهو يدرك كم يحتاج له عشمان وكم تيسرت ظروفه و كم تحسنت صحته و كيف انه اصبح اكثر صفاءا و نقاءا و املا و بهجة ، وكيف كان ساخطا كارها و صاتر محبا رقيقا ، و كيف ان طاهر نفسه قد عثر على ضالته فى شريك و مؤنس و صديق ، ولن نبالغ ان قلنا حبيبا ، فقد صار قلب طاهر الطيب وقلب عشمان الرقيق رفقاء ليالى طويلة يبث فيها كل منهما همومه و مشاعره و افراحه للاخر ، و كانت تمتد بهما جلسات السمر و الحديث لساعات طوال لا يمل منها كلاهما .
فى الاسابيع القليلة التالية تابع طاهر مروره على عشمان كل يوم ولكن بحرص شديد حتى لا يغضب زوجته، يتفقد احواله و احتياجاته ، و حتى انه صار يصطحبه الى الطبيب كل اسبوع وان ياتى له بالدواء بانتظام ، ثم انه قرر ان يستخدم له خادما او مديرا للمنزل يساعده و يقضى له حاجاته، فاتى له بشاب كان قد تعرف عليه فى احدى زيارته لجمعية خيريه وكان يبحث عن عمل بمؤهل متوسط ، و تغيرت الدنيا من حول عشمان و صار اكثر هدوا و اطيب حديثا و ارق طباعا، وصارت الدنيا من حوله ربيعا دائما.
و بعد شهور على ذاك الحال استاذن طاهر عشمان فى السفر لقضاء اجازة مع زوجته بناءا على نصيحة من طبيبها ، و اعطاه ما قد اعتاده و اطمان على عشمان وتاكد بانه لن ينقصه شيئا اثناء غيابه ، وودعه و بكى عشمان فقد كان طاهر هو كل الدنيا له ، و بكى طاهر فقد اعتاد المرور عليه كل يوم و ازداد حبه فى قلبه، فقد لمس فيه الانسان و اكتشف فيه الطيبة و الرقة و براءة الطفل الذى ظل يسكنه منذ وفاة والده ثم والدته ، وكأن الزمن قد توقف به فى مرحلة الطفولة فلم يكبر و لم تخلط براءة الطفولة بما قد يشوبها او يخدشها.
و على شاطئ البحر ليلا اراد طاهر ان يتخلص مما يؤرقه ، وان يرمى بهمومه ذاك البحر الاسود فتذهب بها الامواج بعيدا عن شاطئه و قرر ان يعترف لزوجته الطيبة بما قد فعله و يفعله و ان يسترضيها لتبارك ذاك العمل الصالح و ان تشاركه الثواب و ان يقتسما معا ثواب رعاية ذاك العجوز المريض، الذى صاحب الجدران الخرساء طيلة سنوات و عوضه الله بتلك الجيرة الحسنة، و بعد كل كلمات الثناء على طاعتها و حسن معاشرتها و اهتمامها و تشجعيها له على فعل الخير لم يكن طاهر متشككا ولو للحظة واحده من رد فعل زوجته ، كان متوقعا لوم على عدم مصارحته لها بما يفعله فهى اكيد كانت تتمنى كعادتها مشاركته فى فعل الخيركما عاتادت قبل مرضها ، وان قلبها الطيب لن يتذكر ما يسئها من عشمان فقد مرت سنوات و كم من مرة تجاوزت فيها عما هو اشد و اكبر ، و لكن استفاق طاهر على صوت موجة رهيبة اقتربت من مجلسهما و ارتطمت على سطح صخرة تفننت الطبيعة فى نحتها فتغير مسار الموجة ليسكن بكل عنف وجه طاهر و ما صاحب ذاك الارتطام كان اشد و اعنف.
لاول مرة بعد سنوات و سنوات من ارتباط طاهر بزوجته يرى ذاك الوجه الغاضب و الصوت الثائر من زوجته ، وكانت تلك العاصفة او الاعصار سببا مباشرا اخرس لسانه و اطبق فاه و تعلقت عيناه بالاموجود حتى صار و كان دوار البحر اصابه ، لم يدرك طاهر سببا لتلك الثورة ولا مبررا لها ، و استغرابه كان اشد من تركيزها و تصميمها رغم مرضها و كانها هبطت من عالمها البعيد لتشاركه مرة اخرى و كان الزمان عاد به سنوات الى الوراء و محى سنوات مرضها ، ولكن حقيقة من فم زوجته اتت كموجه بارده كالجبل هبطت به الى اسفل قاع البحر الميت فى لمح البصر، فقد اطلعته زوجته على سر خلافها و عشمان، فقد كان متورطا فى محاولة رشوة كبيرة اضطر لها لمواصلة رحلة ادمانه الطويلة و التى ادت لتراكم الديون على كاهله، وهذا ما ادى الى فصله من عمله ، وانه فى الفترة الاخيرة اخبرها العامل الذى ياتى للاعتناء بحديقة قصرهما شاهده عدة مرات و هو يحفر بجوار سور الحديقة لاخراج كميات من المخدر يخفيها فى تلك البقعة ظنا منه انها مكان امن كما كان يفعل منذ اكثر من شعر سنوات و راته حينها بام عينها ، وكانت سببا فى كشفه و معرفة اليد التى قبلت المال الحرام فى صورة رشوة ، كانت تفكر فيمن يمد يد العون و المساندة لعشمان بعد ان استبعدت طاهر لوعده لها ، فقد ادركت انه قد عاد لكارثته التى راتها منذ سنوات طويلة ، كان عشمان مدمنا بجنون و ها قد عاد مرة اخرى ليلقى بنفسه فى التهلكة، كانت اموال طاهر مخدرا يجرى فى دماء عشمان و تهوى به الى قاع الضياع و الموت بمنتهى السرعة ، وما كانت صحوته و عنفوانه الاخير الا من جراء تلك المخدرات التى سكنته و اسكنت عروقه كى تهلكه و تدمره بمنتهى القسوة و الوحشية.
بكى طاهر كما لم يبك قط فى حياته و ايقطن ان الخير الذى فعله كان مجرد رداءا يختفى تحته شر و موت و وحش خطير ينتهك جمال كل طيب و نقى ، حاول اقناعها بانه سوف يراقبه و يؤمن له من يلازمه كظله طيلة اليوم ، و لاول مرة هددته زوجته بالانفصال اذا عاد لما كان عليه ، لاول مرة تستخدم زوجته ذاك التهديد و لاول مرة تشهر ذاك السلاح القاتل فى وجهه، تعلم انه لا يكاد يتنفس من دونها و تعلم كم يطالع ذاك المجلد الكبير كل يوم الذى امتلأ بصورهما معا كل ليلة يستعيد ايام الصبا و الشباب و يستعيد الاماكن و الذكريات ثم ينظر الى وجهها و يقبلها و يدعو الله ان يكون يومه قبل يومها فهو بدونها جسدا بلا روح يرقد منتظرا الموت الذى اصاب اطرافه قبل قلبه،حاول اقناعها مرارا فى الايام المتبقة من اجازتهما ان يستضيفاه ببيتهما ويراقبانه حتى يشفى و لكنها اصرت على الرفض فقد كانت تعلم بانه اقلع ثم عاد لادمانه مرات و مرات، و عدها صاغرا و اقسم الا يعود لما كان عليه،واستسلم لفكرتها بان يهاتفه و يخبره بان زوجته قد عرفت بامره و اخبرته بسره وانه انتوى الا يساعده مرة اخرى، وايقن حينها انه اقدم على فعل لا يطيقه قلبه الرهيف.
صباح عودتهما من الاجازة فى حديقته راى طاهر عشمان و قد عاد اسؤ مما كان عليه شعثا مكتئبا شاردا ، سلم عليه و استحلفه و قبل يديه ان يعطيه فقط ما يسد حاجته تلك الليله، قال له انه قد انتهى ويوقن ان اليوم هو اخر يوم له فى تلك الدنيا، فقد كل شيئ المساعده و القلب الطاهر و الصديق و الاخ ، فقط يريد الا يعذب بحاجته تلك الساعات المتبقية من عمره، دمعت عينا طاهر ووضع يده فى جيبه فاسقط ما فيه من ورقات ماليه ظن انها كافية لحاجة عشمان واستدار مسرعا متوجها الى عمله، صاح عشمان باعلى صوته انا الذى لا اريدك فلست جديرا بك ولا بالدخول الى حياتك ولو زائرا ، اصبت يا طاهر و لكن تذكرنى فقد كنت احبك ، انهمرت دموع طاهر على خديه و لكنه لم يلتفت لم يستطع مواجهة ذاك الشبح الصامد رغم ضعفه ، ظل يستعيد كلماته طيلة يومه وحين عاد ذهب الى قصره ذهب الى مكان القاءه النقود ليتاكد من ان عشمان قد راها، فكان هول المفاجاة كبيرا ، اعطى طاهر النقود لعشمان فاشترى بها على ما يبدو جرعة كبيرة من المخدر اهلكته ، سكن الموت قسمات وجه طاهر ، وظل يصارع رائحة الموت التى تملأ المكان حول جسد عشمان التى ارتمى بنفس البقعة التى القى له فيها طاهر النقود و قد تناثر على ملابسه ويده مسحوق المخدر الذى ملأ انفه .
و فجاة فى ظلام الليل صرخة مدوية تملئ المكان..
سيارة نقل الموتى تنتظر راكبها الذى سيستقلها ممدا بلا روح ، و سيارة الاسعاف يهول منها ممرضان يحملان الجسد الذى يصارع الموت بين لحظة و اخرى ، قد يسعفه القدر و يعود للحياة ..
و بعد ايام .. يشاهد ساكنو المقابر ذاك الوجه الطيب الذى زادته لحيته البيضاء جمالا و صفاءا و رقة ، كان ياتى كل يوم لزيارة ذلك القبر حاملا نفس باقة الورود ، يجلس هناك بالساعت نادما باكيا ، ثم يدعو و يدعو حتى تبتل لحيته ، يظنون كل يوم ان قلبه العجوز لن يتحمل ذلك البكاء و انه سيجاور فى لحظات من يبكيه و يستريح.
وكل يوم تنتهى الزيارة ليعود مع اول شعاع شمس فى اليوم التالى و لكن اليوم لم يات بمفرده كانت معه سيدة فى ملابس من سواد ، تستند على عصا لها و قد غمرت الدموع مقلتيها حتى كادت لا ترى طريقها و كادت تسقط عدة مرات فى تلك الامتار المؤدية الى القبر الذى يزوره ذاك الرجل كل يوم ، وعندما اقتربت اكثر فاكثر رفعت عيناها الى شاهد القبر و قرات.
هنا قبر المرحوم طاهر الامير
صاحب القلب الطيب و العطاء اللامحدود ..
نعم طاهر ..
انفجرت فى بكاء و نحيب لا ينقطع ..
وانفجر ايضا عشمان فى البكاء..
نعم عشمان الذى انقذته العناية الالهية من الموت بعد جرعة المخدر لم يكن يريدها بالفعل وانما كان يريد طاهر الصديق و الصدر الذى يضمه كى يستعين به على قهر ايام وحدته بعد ان تعود على صحبة طاهر و لكن طاهر لم يفهم رغم علمه بكبرياء عشمان انه ما كان يطلب منه وقتها مالا و انما يتسول مشاعره التى منعه اياها ..
نعم مات طاهر .. ولم يتفهم مقصد صديقه ..
نعم مات القلب الطيب
لم يستطع قلبه الطيب استيعاب ظنا بموت عشمان بالمخدر الذى اعطاه ثمنه مالا القاه على التراب ..
عانده قلبه الطيب كما عاندته فطنته وتوقف عن الخفقان ، توقف .. وتوقف .. و توقف..
توقف عشمان عن البكاء و ماخرج من جيب معطفه ورقات ماليه اطبق عليها يده بعنف و ناولها لزوجة طاهر ..
كانت تلك النقود هو اخر ما لمسته يد طاهر و اخر نفحة عطاء..
نعم تلك النقود هى ما التقطته يد عشمان من فوق ارض الحديقة بعد ما القاها طاهر له ..
لم تقتله نقود طاهر ابدا ..
فقد كان يحصل على المخدر نظير تخزينه لاحد التجار و فقط ..
ما قتله عطاء طاهر رحمه الله رغم ظنه ..
ولكن مات طاهر ..
*****

طارق المملوك
11-3-2008

السبت، مارس ٠١، ٢٠٠٨

مسلمين اخر زمن

مسلمين اخر زمن
*****

قادتنى الاقدار اليوم لمشاهده عمل فنى ابكانى كما لم ابك منذ فترة طويلة، عمل ادمى القلب و ابكى العين و شل العقل عن التفكير و الاستيعاب، قادتنى الاقدار اليوم لمشاهده عمل فنى اسموه اوبريت الضمير العربى، اكثر من مائة فنان عربى واكثر من 20 دقيقة على ما اعتقد من المواد التليفزيونية عن حال الدول العربية منذ عام 1998 حتى اليوم، كوارث و دماء و احداث دامية مركزة مرت على عالمنا العربي فى اعوام قليلة كمما لو كان العالم العربي يعيد الزمن و كان التتار احتلوه مرة اخرى.
كيف هان علينا جميعا ديننا و اوطاننا؟، كيف ياتينا النوم ليلا فى ظل تلك الجرائم التى تنتهك فيها اوطاننا و اعراضنا فى كافة انحاء العالم؟، و فكرت ماذا لو ضم هذا العمل ما دار فى باقى الدول الاسلامية كالشيشان و افغانستان و باكستان و يوغوسلافيا و غيرهم؟، اكان احساسنا سيكون اعمق و الدموع اغزر ام سننام ليلا بلا اى احساس بالذنب و العار و المسئوليه تجاه ديننا و ربنا و رسوله؟.
تذكرت مع كلمات النهاية لمخرج العمل ان من يسكت على الظلم يظلم و كيف ان العرب و المسلمين اكثر شعوب الدنيا ظلما لبنى جلدتهم و كيف انهم اكثر من يحمل حزازيات لبنى جلدتهم و بنى اوطانهم، و اخذتنى الذاكرة لكثير من الاحداث التى تظهر العنف العربى العربي ، و الرفض العربى العربى، و الحزازيات العربية العربية لدرجة تفضيل من هم غير عرب على اخوانهم من العرب و المسلمين و الانقياد التام لهم.
و اخذتنى الذاكرة لاحداث داميه قررت عرضها هنا على المجموعة، ولعل كثيرون لا علم لهم بتلك الاحداث التى مع الاسف كانت بلدنا مصر طرفا اصيل بها، اعرضها هنا و اتمنى ان نعرض باقى المواقف سويا علنا نستفيد و لتكن لنا و لاجيال تاتى من بعدنا عبرة و عظة.
اشكركم
*****
طارق المملوك
1-3-2008
*****
الحرب المصرية الليبية
*****
هى حرب خاطفة بين
مصر و ليبيا اندلعت فى 21 يونيو 1977و انتهت فى 25 يونيو 1977 و قد اعقبت فترة من التوتر ما بين البلدين و مهاجمة المتظاهرين للسفارات كل دولة الموجودة في الأخرى.
المنحنى الزمنى للحرب
ازداد التوتر ما بين البلدين في
يونيو 1977و فى 20 يونيو 1977 اقام الطلاب الليبيون مظاهرة اتجهوا فيها إلى الحدود المصرية الليبية؛ و ذلك للتعبير عن غضبهم من زيارة السادات إلى اسرائيل.
فى الحادى و العشرين من
يونيو قام حرس الحدود المصريون بايقاف المتظاهرين و تطورت الأمور بسرعة إلى أن قصفت المدفعية الليبية السلوم في اليوم ذاته، و في نفس اليوم هاجمت القوات الجوية المصرية قواعد عسكرية حدودية ليبية و ذلك بأسراب من طائرات سوخوي 20 و ميج 21 مما أدى إلى تدميرها كما هاجم الطيران المصرى قاعدة جمال عبد الناصر الجوية بالقرب من بنغازى و موقع صاروخى ليبى كما تحركت في هذا اليوم فرقتان من الجيش الثالثالمصرى مكونة من المشاة المحمولين و يدعمهم المدفعية و كذلك فرق من الجيش الثالث المصرى و التى اندفعت محتلة مدينة امساعد الليبية و نقلاً عن المتحدث باسم الجيش المصرى خسرت ليبيا طائرتين و 40 دبابة .
وفي22 يونيو هاجمت طائرات سوخوي 20 و ميج 21 المصرية القواعد الليبية الجوية جنوب طبرق و نجحت الدفاعات الجوية الليبية من طراز سام-7 في إسقاط طائرة ميج21 مصرية ومؤخراً في ذلك اليوم هاجمت الطائرات المصرية المواقع العسكرية الليبية بواحة كفرة و نقلا عن مصدر عسكرى مصرى قد فوجئت المدافع الليبية الخاصة بالدفاع الجوى باستخدام الهليوكبترات المصرية لتكنولجيا ECM و طبقا لنفس المصدر العسكرى فقد تم إسقاط مظليين مصريين خلف الحدود الليبية.
وفى
23 يونيو هاجمت الطائرات المصرية قاعدة جمال عبد الناصر جنوب طبرق الجوية و تم استدعاء جميع المقاتلات الليبية إلى طبرق مما أدى إلى معارك جوية عنيفة بين الطائرات المصرية الليبية و نجحت طائرات ليبية من طراز5-Dفى إسقاط بضعة طائرات مصرية من طراز ميج 21 و على الرغم من ذلك نجحت الطائرات المصرية من الانسلال إلى داخل ليبيا و دمرت قاعدة طبرق تدميراً واسعاً. و نجحت طائرات ليبية في قصف قاعدة مرسى مطروح الجوية المصرية
فى 24 يونيو حاولت قوات جوية ليبية مهاجمة قواعد عسكرية بالصحراء، لكن أغليها أسقط و نقلا عن وكالات الأنباء المصرية نجحت القوات الجوية المصرية في تدمير ثكنات جنود ليبين على بعد 35 كيلو متر من الحدود المصرية الليبية وفى الخامس و العشرين من يونيو تدخلت الحكومتان الفلسطينية و الجزائرية لإيقاف القتال و أعطى الرئيس المصرى السادات أوامره بالانسحاب.معتبرا ما حصل درسا لن ينساه القذافي.
*****