ارجو مواصلة المتابعة و عذرا للاطالة
عيادة الدكتور تفسير
الحلقة الثالثة
عيادة الدكتور تفسير
الحلقة الثالثة
*****
دفع نديم باشا الباب بعنف و دخل بسرعة الى صالة الاستقبال بعيادة دكتور تفسير الذى كان فى طريقه للترحيب به ، اشار له نديم باشا باصبعه لى فمه اشارة تدعوه لخفض صوته ، ساله بكل حزم ان كان هناك احد بالعياده ، هز الدكتور تفسير راسه نافيا ، تخطاه نديم باشا متجها الى غرفة الكشف و جلس مباشرة على الشيزلونج ، ثبت الدكتور تفسير لوهله امام الباب شاردا ثم تبعه سريعا و جلس على مقعده بجوار الشيزلونج ، كانت الاضواء خافتة، اشعل دكتور تفسير غليونه باصابع مرتبكة متحاشيا النظر الى عينى نديم باشا التى كانت فى احمرارها كنيران مشتعله لو قفذت من بين جفنيه لاحترق المبنى بكل ما فيه.
نظر نديم باشا وهو مستلق على الشيزلونج الى سقف الغرفة المظلم مسترجعا تلك الليلة الغريبة التى جعلته يزور هذا المغفل فى عيادته للمرة الاولى ، كان لا يثق به ولكن المعلومات التى وقعت بين يديه قدرا قبل تلك الزيارة بيوم واحد كانت كفيلة بالمحاولة فى ذلك الاتجاه مع هذا الدجال ، كان المه و قلة نومه قد وصلا به الى حد الجنون و خاصة فى تلك الليلة ، فقفزت من احداث الايام الماضية خاطرة تلك التقارير التى تسلمها عن رجالات من كبار رجالات الدولة وتلك تحريات الامن الروتينية حولهم ، وكيف قرا ان تلك الشخصيات تقصد عياده رجل يدعى دكتور تفسير المعالج النفسي ومفسر الاحلام و خبير الرموز ، فتوقف عند هذا السطر الخطير بالتقرير ، و اتخذ قراره .
وفى لحضات الصمت تلك تراجع دكتور تفسير بكرسيه الى الامام ناظرا لارضية الغرفة الخشبية، وتذكر اولى زيارات نديم باشا لعيادته منذ اشهر قليلة ، و كيف قضى الكثير من الوقت لاقناعة بالتمدد على الشيزلونج، وكيف كان نديم باشا يرفض بكل اصرار ان يعترف انه جاء لزيارته كمريض وكان ادعاءه انه قد جاء يسال عن شخصيات معينه تزور تفسير و يكشف هوية تلك العيادة التى جذبت تلك الشخصيات الخطيرة اليها ، و اليوم يتجه الي مكانه مباشرة دون اية كلمة ، ظهرت ابتسامه خاطفة بعينى تفسير وأدها بسرعة فى ملامح وجهة و عاد مرة اخرى للنظر الى نديم ، تذكر كيف شعر ان هذا الرجل الذى يظهر بجبروته وهيبته و سطوته فى الحقيقة هشا بائسا لم تفلح كل السلطة و المال والجاه فى اسعاده يوما ، تذكر كيف زاره بعد ايام من وفاة زوجته ، كان مرتبكا مذعورا غارقا فى عرقه الذى ظهر على قميصه وكيف كان مرتعشا لا يستطيع النطق بجملة كاملة بلا شرود او هذيان ، يومها بدأ بموقف حدث معه اول النهار اثناء مروره على احد المعتقلين السياسيين ، وجلسته التى طالت مع ذلك الرمز السياسي لاكثر من ساعات حاول خلالها اغراءه بالاعتراف بمعلومات مغلوطة عن التنظيم السياسي الذى ينتمى اليه و الذى ينصف تحت بند التنظيمات السياسية الدينية ، وكيف ان ذلك الرجل رفض التعاون بكل حزم رغم التعذيب الذى ناله، كان ذلك الرجل قصير القامة، ذو وجه ذابل من قلة النوم و التعذيب ، ورغم ذلك تلمح نورا بوجهه التى خطت سنوات العمر به خطوطا من العزة و الكرامة ، و كان رغم كبر سنه الذى تجاوز الخمسين باعوام قويا قوة غريبة ، وواثقا ثقة لا تستند على اى حقيقة من وجهة نظر نديم، يتمتع بنظرات حادة و فى نفس الوقت هادئة ، نظرات كانت تشعر نديم بقشعريرة و اجبرته على التحدث مع الرجل ساعات و ساعات بلا ضيق رغم ان الرجل لم يدلى باية معلومة مفيدة ، حتى استقبل نديم اتصالا هاتفيا عاد بعده وقسمات وجهه يكسوها الضيق و الغضب ، وسال سؤال واحد من هم الاع التنظيم الرئيسية و لم يجب الرجل كالعاده ، فقام نديم باشا بعد تلك الاجابة ساخطا لاعنا اياه باهله و دينه ، متهما له بافساد الدولة و الشعب و النظام ، فتلى الرجل فى وجهه ايات من الذكر الحكيم متهما نديم نفسه بالافساد فى الارض هو و من اطلقه على البسطاء ، فاستشاط نديم باشا غاضبا و امر بمضاعفة التنكيل و التعذيب له ولزملائه الى الضعف بدعوى عدم الاستجابة للتحقيقات و عدم مساعدة جهات الامن و تهديد امن الوطن وادارة تنظيم يدعو للانقلاب على الحكم ، ولكن ظلت كلمات الرجل تطارده بقية اليوم " انتم من تتلاعبون بالدين، فتحولون الثابت متغيرا، والمتغير ثابتا، انتم من يروج بإنكار سنة محمد صلى الله عليه وسلم وانها لم تنقل الينا سليمة رغم وعده بترك كتاب الله و سنة هدى للامة، وأن القرآن كلام الله ماهو الا اشارة لطريق نسلكه و نطوره و نطور احكام القرآن حسب الزمان و ظروفه ، وإنكار عذاب القبر ووصفه بأنه خرافة، والطعن في الصحابة، وتغليب العقل على الشرع، وإنكار الغيب بالكلية، ودعوة الناس إلى الاستسلام والسلبية باسم الدين لانتظار المهدي، وسوء فهم القدر بالاستسلام للمحتل وترك المقدسات لأعداء المسلمين، أنتم من تعتمدون على سياسة الصوت العالى لالهاء الناس و إبعادهم عن دينهم ،انتم من تسعبدون الناس وتوزرون و تسرقون و تدمنون العمولات و الرشاوى، انتم من تستخدمون السلطة فى التجبر على البسطاء ، انتم من تقطعون ألسنة الناس وتوظفون ممتلكات الدولة لخدماتكم الشخصية و لمصالحكم ، وتصيغون القوانين لتسهيل الزنا و الربا و الميسر ، تصيغون قوانينكم بمخالفة القانون الالهى، و تروجون لمذاهبكم بشتى الطرق و تروجون لعوة ابعاد الدين عن حياتكم و مصالحكمالسياسية خوفا على كراسيكم ونفوذكم ، حولتم وظائفكم من خدمة عباد الله الى اسياد عليهم ، انتم من يتلاعب بقوت البسطاء و تسوقون الفاسد و الردئ ، تتاجرون فى الدم و العقاقير الطبية الفاسدة ، انتم من اطلقتم قنوات الفساد و استخدمتم البلطجة و البلطجية فى الشوارع لترويع الامنين ، نعم انتم المفسدون ، انتم المفسدون وليس نحن كما تدعى ايها الفاسد ".
ارتسمت ملامح التوتر والتركيز على وجه الدكتور تفسير قبل ان يكمل نديم باشا روايته، وكيف ان زوجته فى تلك الليلة جاءته بمنامه ، بعد يوم واحد من وفاتها ، وكيف طار من السعادة لدى رؤيته اياها و كم بكى لها اشتياقا ، فكان يحبها بحق وكانت الانسان الوحيد الذى يحبه على وجه المعمورة ، كانت الانسان الوحيد الذى يحبه ايضا فى محيط عالمه الذى يمتلئ بالاعداء ، رغم انها كانت ضميره المستيقظ دائما و الذى يؤنبه على كل افعاله ، حتى انه امتنع بعد فترة من زواجهما ان يقص عليها اعماله القذرة التى يقوم بها ، فرح بها فى ذلك اليوم و فتح ذراعيه يريد البكاء على صدرها مفتقدا اياها ، فقد تركته فى تلك الدنيا بلا انيس ، فابناءه يعيشون عوالم مختلفه بلا انتماء للبيت و الاسرة ، لم يرتبطوا به يوما لقسوته و انشغاله الدائم ، و يكرهون اليوم الذى يمكث فيه بالبيت ، هرول عليها يحتض الحب الذى افتقده برحيلها فاذا بها تدفعه بعيدا بغير كلمة واحده و شاهد وقتها ما اذهله والجم لسانه عن النطق كان جسدها المختفى فى ظلام الغرفة هو جسد نديم نفسه، كان وجه زوجته المتوفاه مدموجا كما تهيأ له على جسده، ثم توالت المفاجات من جديد فقد ظهرت زوجتة آيات – هكذا عرف تفسير إسم زوجة نديم – كما شاهدها نديم بذراع واحد و ساق واحدة ، وهنا ذعر نديم و جعل يصرخ و يصرخ من هول ما راى وحاول ان يبعد و يبعد ولكنها تضخمت امامه حتى قطعت عليه كل سبل الابتعاد عنها، اقتربت منه فراى جسدها - طبعا كان يقصد جسده هو- مصلوبا وينزف دماءا غزيرة من مواضع الصلب ، ثم مالت و همست فى اذنه لن يطيب لك المقام هنا فلترحل ، وبعد استفاهمه اتقصد يرحل من البيت ، فردت عليه نافيه انها تقصد من البلد باكملها فهى لن يطيب لها جفن فى قبرها حتى تراه منفيا خارج معشوقتها و بلد اجدادها ، وانها ستزوره بكل يوم و ليلة تذيقه من الوان العذاب و الارهاب حتى تصل لمرادها ، والا فالقتل هو مصيره.
ارتسمت ملامح الاثارة و القلق و التفكير العميق يومها على وجه دكتور تفسير الذى اكمل عامه الستين منذ ايام انه بسنوات دراسته الاولى فى كلية طب الازهر الذى تخرج بها فى منتصف الستينات فى فترة رئاسة الشيخ احمد حسن الباقورى للجامعه كاول دفعة لطب الازهر الذى انشئ مع بدايه الجامعة عام 1961، فلم يجد الرجل حتى نهاية القصة ما يوحى بأزمة او شئ قد يجعل الرجل يقوم بفعلته التى لم يكن مقتنعا بها ، وايقن الدكتور تفسير ان امامه الكثير من الجهد ليكشف الخبايا النفسية لرجل كهذا ، و قرر ان ينصت و يستمع كثيرا قبل الحكم على تلك الحالة الغريبة التى تصيب الرجل ، عليه جمع الكثير من النقاط النفسية للرجل و تتسجيلها و تحليلها بكافة الطرق العلمية و ستكون خبرته الطويله وقتها هى المنوطة باكتشاف العقدة و العمل على حلها.
*****
طارق المملوك
27-4-2007
دفع نديم باشا الباب بعنف و دخل بسرعة الى صالة الاستقبال بعيادة دكتور تفسير الذى كان فى طريقه للترحيب به ، اشار له نديم باشا باصبعه لى فمه اشارة تدعوه لخفض صوته ، ساله بكل حزم ان كان هناك احد بالعياده ، هز الدكتور تفسير راسه نافيا ، تخطاه نديم باشا متجها الى غرفة الكشف و جلس مباشرة على الشيزلونج ، ثبت الدكتور تفسير لوهله امام الباب شاردا ثم تبعه سريعا و جلس على مقعده بجوار الشيزلونج ، كانت الاضواء خافتة، اشعل دكتور تفسير غليونه باصابع مرتبكة متحاشيا النظر الى عينى نديم باشا التى كانت فى احمرارها كنيران مشتعله لو قفذت من بين جفنيه لاحترق المبنى بكل ما فيه.
نظر نديم باشا وهو مستلق على الشيزلونج الى سقف الغرفة المظلم مسترجعا تلك الليلة الغريبة التى جعلته يزور هذا المغفل فى عيادته للمرة الاولى ، كان لا يثق به ولكن المعلومات التى وقعت بين يديه قدرا قبل تلك الزيارة بيوم واحد كانت كفيلة بالمحاولة فى ذلك الاتجاه مع هذا الدجال ، كان المه و قلة نومه قد وصلا به الى حد الجنون و خاصة فى تلك الليلة ، فقفزت من احداث الايام الماضية خاطرة تلك التقارير التى تسلمها عن رجالات من كبار رجالات الدولة وتلك تحريات الامن الروتينية حولهم ، وكيف قرا ان تلك الشخصيات تقصد عياده رجل يدعى دكتور تفسير المعالج النفسي ومفسر الاحلام و خبير الرموز ، فتوقف عند هذا السطر الخطير بالتقرير ، و اتخذ قراره .
وفى لحضات الصمت تلك تراجع دكتور تفسير بكرسيه الى الامام ناظرا لارضية الغرفة الخشبية، وتذكر اولى زيارات نديم باشا لعيادته منذ اشهر قليلة ، و كيف قضى الكثير من الوقت لاقناعة بالتمدد على الشيزلونج، وكيف كان نديم باشا يرفض بكل اصرار ان يعترف انه جاء لزيارته كمريض وكان ادعاءه انه قد جاء يسال عن شخصيات معينه تزور تفسير و يكشف هوية تلك العيادة التى جذبت تلك الشخصيات الخطيرة اليها ، و اليوم يتجه الي مكانه مباشرة دون اية كلمة ، ظهرت ابتسامه خاطفة بعينى تفسير وأدها بسرعة فى ملامح وجهة و عاد مرة اخرى للنظر الى نديم ، تذكر كيف شعر ان هذا الرجل الذى يظهر بجبروته وهيبته و سطوته فى الحقيقة هشا بائسا لم تفلح كل السلطة و المال والجاه فى اسعاده يوما ، تذكر كيف زاره بعد ايام من وفاة زوجته ، كان مرتبكا مذعورا غارقا فى عرقه الذى ظهر على قميصه وكيف كان مرتعشا لا يستطيع النطق بجملة كاملة بلا شرود او هذيان ، يومها بدأ بموقف حدث معه اول النهار اثناء مروره على احد المعتقلين السياسيين ، وجلسته التى طالت مع ذلك الرمز السياسي لاكثر من ساعات حاول خلالها اغراءه بالاعتراف بمعلومات مغلوطة عن التنظيم السياسي الذى ينتمى اليه و الذى ينصف تحت بند التنظيمات السياسية الدينية ، وكيف ان ذلك الرجل رفض التعاون بكل حزم رغم التعذيب الذى ناله، كان ذلك الرجل قصير القامة، ذو وجه ذابل من قلة النوم و التعذيب ، ورغم ذلك تلمح نورا بوجهه التى خطت سنوات العمر به خطوطا من العزة و الكرامة ، و كان رغم كبر سنه الذى تجاوز الخمسين باعوام قويا قوة غريبة ، وواثقا ثقة لا تستند على اى حقيقة من وجهة نظر نديم، يتمتع بنظرات حادة و فى نفس الوقت هادئة ، نظرات كانت تشعر نديم بقشعريرة و اجبرته على التحدث مع الرجل ساعات و ساعات بلا ضيق رغم ان الرجل لم يدلى باية معلومة مفيدة ، حتى استقبل نديم اتصالا هاتفيا عاد بعده وقسمات وجهه يكسوها الضيق و الغضب ، وسال سؤال واحد من هم الاع التنظيم الرئيسية و لم يجب الرجل كالعاده ، فقام نديم باشا بعد تلك الاجابة ساخطا لاعنا اياه باهله و دينه ، متهما له بافساد الدولة و الشعب و النظام ، فتلى الرجل فى وجهه ايات من الذكر الحكيم متهما نديم نفسه بالافساد فى الارض هو و من اطلقه على البسطاء ، فاستشاط نديم باشا غاضبا و امر بمضاعفة التنكيل و التعذيب له ولزملائه الى الضعف بدعوى عدم الاستجابة للتحقيقات و عدم مساعدة جهات الامن و تهديد امن الوطن وادارة تنظيم يدعو للانقلاب على الحكم ، ولكن ظلت كلمات الرجل تطارده بقية اليوم " انتم من تتلاعبون بالدين، فتحولون الثابت متغيرا، والمتغير ثابتا، انتم من يروج بإنكار سنة محمد صلى الله عليه وسلم وانها لم تنقل الينا سليمة رغم وعده بترك كتاب الله و سنة هدى للامة، وأن القرآن كلام الله ماهو الا اشارة لطريق نسلكه و نطوره و نطور احكام القرآن حسب الزمان و ظروفه ، وإنكار عذاب القبر ووصفه بأنه خرافة، والطعن في الصحابة، وتغليب العقل على الشرع، وإنكار الغيب بالكلية، ودعوة الناس إلى الاستسلام والسلبية باسم الدين لانتظار المهدي، وسوء فهم القدر بالاستسلام للمحتل وترك المقدسات لأعداء المسلمين، أنتم من تعتمدون على سياسة الصوت العالى لالهاء الناس و إبعادهم عن دينهم ،انتم من تسعبدون الناس وتوزرون و تسرقون و تدمنون العمولات و الرشاوى، انتم من تستخدمون السلطة فى التجبر على البسطاء ، انتم من تقطعون ألسنة الناس وتوظفون ممتلكات الدولة لخدماتكم الشخصية و لمصالحكم ، وتصيغون القوانين لتسهيل الزنا و الربا و الميسر ، تصيغون قوانينكم بمخالفة القانون الالهى، و تروجون لمذاهبكم بشتى الطرق و تروجون لعوة ابعاد الدين عن حياتكم و مصالحكمالسياسية خوفا على كراسيكم ونفوذكم ، حولتم وظائفكم من خدمة عباد الله الى اسياد عليهم ، انتم من يتلاعب بقوت البسطاء و تسوقون الفاسد و الردئ ، تتاجرون فى الدم و العقاقير الطبية الفاسدة ، انتم من اطلقتم قنوات الفساد و استخدمتم البلطجة و البلطجية فى الشوارع لترويع الامنين ، نعم انتم المفسدون ، انتم المفسدون وليس نحن كما تدعى ايها الفاسد ".
ارتسمت ملامح التوتر والتركيز على وجه الدكتور تفسير قبل ان يكمل نديم باشا روايته، وكيف ان زوجته فى تلك الليلة جاءته بمنامه ، بعد يوم واحد من وفاتها ، وكيف طار من السعادة لدى رؤيته اياها و كم بكى لها اشتياقا ، فكان يحبها بحق وكانت الانسان الوحيد الذى يحبه على وجه المعمورة ، كانت الانسان الوحيد الذى يحبه ايضا فى محيط عالمه الذى يمتلئ بالاعداء ، رغم انها كانت ضميره المستيقظ دائما و الذى يؤنبه على كل افعاله ، حتى انه امتنع بعد فترة من زواجهما ان يقص عليها اعماله القذرة التى يقوم بها ، فرح بها فى ذلك اليوم و فتح ذراعيه يريد البكاء على صدرها مفتقدا اياها ، فقد تركته فى تلك الدنيا بلا انيس ، فابناءه يعيشون عوالم مختلفه بلا انتماء للبيت و الاسرة ، لم يرتبطوا به يوما لقسوته و انشغاله الدائم ، و يكرهون اليوم الذى يمكث فيه بالبيت ، هرول عليها يحتض الحب الذى افتقده برحيلها فاذا بها تدفعه بعيدا بغير كلمة واحده و شاهد وقتها ما اذهله والجم لسانه عن النطق كان جسدها المختفى فى ظلام الغرفة هو جسد نديم نفسه، كان وجه زوجته المتوفاه مدموجا كما تهيأ له على جسده، ثم توالت المفاجات من جديد فقد ظهرت زوجتة آيات – هكذا عرف تفسير إسم زوجة نديم – كما شاهدها نديم بذراع واحد و ساق واحدة ، وهنا ذعر نديم و جعل يصرخ و يصرخ من هول ما راى وحاول ان يبعد و يبعد ولكنها تضخمت امامه حتى قطعت عليه كل سبل الابتعاد عنها، اقتربت منه فراى جسدها - طبعا كان يقصد جسده هو- مصلوبا وينزف دماءا غزيرة من مواضع الصلب ، ثم مالت و همست فى اذنه لن يطيب لك المقام هنا فلترحل ، وبعد استفاهمه اتقصد يرحل من البيت ، فردت عليه نافيه انها تقصد من البلد باكملها فهى لن يطيب لها جفن فى قبرها حتى تراه منفيا خارج معشوقتها و بلد اجدادها ، وانها ستزوره بكل يوم و ليلة تذيقه من الوان العذاب و الارهاب حتى تصل لمرادها ، والا فالقتل هو مصيره.
ارتسمت ملامح الاثارة و القلق و التفكير العميق يومها على وجه دكتور تفسير الذى اكمل عامه الستين منذ ايام انه بسنوات دراسته الاولى فى كلية طب الازهر الذى تخرج بها فى منتصف الستينات فى فترة رئاسة الشيخ احمد حسن الباقورى للجامعه كاول دفعة لطب الازهر الذى انشئ مع بدايه الجامعة عام 1961، فلم يجد الرجل حتى نهاية القصة ما يوحى بأزمة او شئ قد يجعل الرجل يقوم بفعلته التى لم يكن مقتنعا بها ، وايقن الدكتور تفسير ان امامه الكثير من الجهد ليكشف الخبايا النفسية لرجل كهذا ، و قرر ان ينصت و يستمع كثيرا قبل الحكم على تلك الحالة الغريبة التى تصيب الرجل ، عليه جمع الكثير من النقاط النفسية للرجل و تتسجيلها و تحليلها بكافة الطرق العلمية و ستكون خبرته الطويله وقتها هى المنوطة باكتشاف العقدة و العمل على حلها.
*****
طارق المملوك
27-4-2007