شريط اخبار شخبطة ملوكى

الثلاثاء، مايو ٢٠، ٢٠٠٨

الأرض البور

الأرض البور
*****

كانت قطعة من الارض البور مع انها كانت اقرب ارض الى مصدر الرى فى القرية، كان عم نجيب الذى ترك الزراعة و تفرغ لمحل البقالة خاصته يعتبرقطعة ارضه تلك هى اسؤ مساحة ارض على ظهر الكرة الارضية رغم استنكار الاخرين له دائما عندما يذكر ذلك امامهم، كان كله قناعة فيما يذكر من داخله يوقن انها فعلا الاسؤ على الاطلاق، فتركها ولم يحاول ولو لمرة واحدة ان يقلب تربتها و يحرثها و يسطرها لينثر بذور الحياة بها، تركها هكذا لم يعرضها للبيع ولم يؤجرها ولم يزرعها حتى صارت مشاعا للقرية كلها، هذا ياخذ منها بضعة اسهم لتخزين الاسمدة، وذاك يترك بها جراره، والاخر يصنع بها غرفه من البوص يستريح بها من حرارة الشمس فى وسط النهار بعد يوم طويل من العمل.
سافر عم نجيب منذ اعوام الى بلاد الغربة تاركا ارضه بحثا عن الرزق فى بلاد النفط، كان يعمل هناك فى استصلاح الارض الزراعية الصحراوية هناك، ولم ياتى على باله يوم ان هناك بقعة من الارض يمتلكها تستحق نصف ذلك العناء الذى يبذله لارض غير ارضه فى بلد غير بلده ، وفى نفس الوقت الذى ترك فيه ارضه كان هناك رجل فقير من اهل قريته يدعى احسان، موارده قليله ويسعى من اجل لقمة العيش ليل نهار، ظن احسان ان بامكانه ان يستصلح تلك الارض البور و اكيد سيعطى من رعيها لعم نجيب حين يعود و تكون اجمل مفاجاة له عند عودته.
بدا احسان يستصلح تلك الارض البور بكل ما اوتى من قوة و خبرة فى استصلاح اراضى الغير و زراعتها حت صارت بعد شهور كثيرة جنة خضرا، بدات بشائر ثمارها تظهر فوق الارض و تكسوها خضارا يسر الناظرين، وعلى عكس كل توقع كانت المحصول من اجود الانواع و اوفرها انتاجا، فقد كانت الارض فى الاصل من اخصب و اجود الاراضى فى القرية كلها قبل ان يهملها عم نجيب منذ زمن، و بدا احسان يحلم و يحلم بالاستقرار و الرغد و سعة الرزق.
علم عم نجيب من بعض جيرانه فى القرية بما فعله إحسان وظل يعد باقى الشهور على اجازته التى تحل بعد عام ليعود الى قريته و يرى ما صنعه احسان بارضه البور، مرت الايام ثقيلة على احسان و على نجيب هذا ينتظر وقت الحصاد و هذا ينتظر رؤية ارضه التى صارت خضراء خصبة.
وجاء وقت الحصاد متزامنا مع عودة عم نجيب وفى نفس الصباح الذى تهيأ فيه احسان لحصاد ثمار عمله و كده، وحلمه بالعائد و المال الذى انتوى قسمته مع عم نجيب جاءت سيارة اجرة من مسناء سفاجا تجمل اخبار عودة عم نجيب الذى ابى ان يدخل داره وذهب بحقيبة سفره المتهالكة راسا الى ارضه، نظر عم نجيب الى ارضه الخضراء و تلاقت عيناه مع عينى احسان التى تملؤها الفرحة و البشر.
وفى مننتصف المسافة بينهما تلاقت الفرحة و الشرر ، فرحة احسان و غيظ نجيب فانفجرت الفرحة صارخة من قلب احسان، ادرك ان نجيب ينوى شرا وان ما فعله لم يسكن هوى عم نجيب الذى احس ان ما فعله احسان ينتقص من قدره و يقلل من قيمته، فقد نجح احسان فيما فشل فيه نجيب، و ادرك احسان ذلك على الفور.
ذهبت عينا احسان الى يمينه فى نفس اللحظة التى ذهبت فبها عينا نجيب الى يساره و التقتا على نقطة واحده ، كم من القش يحرقه بعض المزارعين جذبهما بنيرانه التى تاججت فى صمت رهيب، جرى كل منهما نحو النار وتناول حزمة من القش اشعلها، وجرى كل منهما الى قطعة الارض فى اتجاه مختلف ينشر النار فى الثمار قبل حصادها فتاججت الارض مشتعله صارخة متالمة، وحتى الان ومنذ تلك اللحظة التى مر عليها سنوات و سنوات ظلت الارض بورا وما استطاعت يد ان تمتد اليها لتبثها الحياة.
*****

طارق المملوك
20-5-2008

هناك تعليقان (٢):

Unknown يقول...

جميلة جداً
...
هذا فقط !!

شخبطة ملوكى يقول...

قهوة بالفانيليا
اشكرك على مرورك و تعليقك
دمت بخير