مملوكيات - 4
فى قراءة سريعة و خاصة جدا لاحلام المواطنين الغلابة فين يحكمهم وجدت ان كل ما يرجونه يدور فى فلك شخصية غريبة جدا
وطنى - نزيه - ذو شخصية - لا يعمل لحساب احد - يشعر بهموم المواطن ويعيش بقرب مشاكلهم - لا يخاف ابدا - يحسن التحاور مع الناس - لا يسعى للكسب من وراء عمله - يحقق لهم الاستقلاليه فلا يشعرون بانهم اتباع.
فوجدت ان تلك الاحلام و الصفات تدور فى فلك الراحل جمال عبد الناصر، اختزله العقل الباطن للمواطنين على مر العصور فلا ينسوا ما قدمه الرجل لمصر ولو كان من يحلم من جيل لم يعاصر الرجل ولم يره قط ، اعود قبل الاسترسال لاؤكد اننى اعرف الكثير عن التجاوزات التى حدثت فى عهد الراحل جمال عبد الناصر، واننى لست محللا سياسيا او اقتصاديا ، ولكننى اكتب ما اشعر به فقط تجاه الرجل، فاننى ما زلت اشعر مثل كل المواطنين انه كان كالفارس الجميل يعلو بنا فوق تلال الكرامة و يعبر بنا مستنقعات الهزيمة بكل براعة ، كنت اتمنى ان تنضج تجربته ، فمصر وقتها كانت تتحسس الطريق كى تقف فى مكانة تستحقها بعد عصور طويله من الظلام اطبقت على ارضها و سماها و مقدراتها .
احسست بكم الفخر و الزهو الذى كان يشعر به المواطن المصرى البسيط وقت حكمه ، وكيف انه كان يفخر وقتها بانه مواطن فى دولة يحكمها ناصر ، بالرغم من الحالة الاقتصادية السيئة و لكن كان يعلم انها مقدرات الحروب وضريبة الحرية و الاستقلاليه ، فقد ورث الرجل جيرة كيان قميء يرفضه الجميع ولكن فى صمت لم تستطع نفسه العزيزة ان يهادنه او يسكت عنه ، فرغم السكوت الا ان تلك الجيرة بدات فى اظهار مطامعها التاريخية فى ارض ذلك الوطن الوليد .
رغم ذلك تطلع الرجل لتحسين الاقتصاد و سياساته ، فبنى المصانع و السد ، و بدأ فى صناعات ثقيله كالسيارات ، كما بدا فى صناعات عسكرية من تطوير صواريخ و خلافه، واعتمد على خبراء سوفييت فى ذلك مستفيدا هو منها وليس كتابع لها ، فهو يشعر انه يعطى السوفييت ميزة عندما يقيم معهم علاقات طيبة، وليس العكس كما نرى تلك الايام، الرجل كان يريد التقدم و الاعتماد على النفس فى توفير مقدرات الحياة ، ولكنه ايضا و قبل ذلك كان يبحث عن كرامة شعب عاش فترات طويله يبحث عن حريته و صوته الذى يخرج من حنجرته ليسمعه العالم بعد طول سكوت .
ساهم ناصر فى قيام مشروع دول عدم الانحياز، وكان على قدم المساواه بل الرياده مع دول تعد الان من الدول المتقدمة اقتصاديا على مستوى العالم ، الهند و يوغوسلافيا و كوريا و غيرهم ، كانت تمثل قوة جديدة ناشئة استطاع ان يجمعها ناصر و نهرو و تيتو ، فكان اسمه وقتها له شنة و رنة مثلما يقول المثل المصرى الشائع ، كان يجلم بكيان جديد قوى له كلمته وسط قوى العالم القديمة و المسيطره على مجريات الاحداث ، فكر جميل اعتقد انه من الصعب تنفيذه الان ، فوقتنا هذا شهد محاولة مماثلة وليده قتلت فى مهدها من فرنسا و المانيا ، ولكن الرجل كان يتمتع بتصميم لا محدود ، يسهر الليالى ليفكر و ينفذ بلا تردد ، تاركا للاخرين بعدها مهمة البحث عن رد فعل ،عكس ما يحدث الان فنحن من يبحث علنا نجد رد فعل ، هذا ان وجدنا .
عدم تبعية ناصر و استقلاليته عن قوى العالم فى قراراته كانت الميزة الكبرى فى شخصيته ، فلاول مرة منذ عهد محمد على يشعر المصرى ان قراره بيده ، وانه غير تابع ، ومنذ فترة كبيرة لم يعد لدى الخبراء السياسيين القدرة على قراءة ماذا ستكون الخطوة القادمة من الرجل ، فليس هناك اى مؤثر خارجى او محدد ياخذه فى الحسبان عند الاقدام على خطواته المستقبلية ، الرجل حلق بينا فى سماء الحرية حقيقة و الاستقلالية فى اتخاذ القرار ، وكان يجد البدائل لتحقيق الفكر الذى يسعى اليه .
كما يشهد التاريخ انه بشخصيته المتفرده انه الوحيد الذى استطاع توحيد كلمة العرب فى كثير من الاحيان لم نرها بعده ابدا ولا قبله ايضا ، الرجل شخصية مقنعة ذات كاريزما نادرة الوجود ، يسحر بها و بمنطقها كل القوى المعادية قبل الصديقة ، وكان يحظى وقتها باحترام الجميع ، و بالتبعية وهو ما يهمنا يحظى المواطن ايضا بنفس القدر من الاحترام ، وكلنا يشهد كم الخلافات العربي ةالتى كان يؤدها فى مهدها ، عكس ما نرى الان من سباب و مشادات و عدم اتخاذ اى قرار ذو شخصية فى جامعة الدول العربية ، التى لم يكن لها دورا الا فى عهد الراحل.
ناصر الذى كان يدخن سجائره من انتاج الشركة الشرقيه ، ويلبس البدل الرسمية من انتاج مصانع الغزل و النسيج بالمحلة الكبرى ، ويقطن فى حى قريب جدا من عامة الشعب فى منزل متواضع جدا بالقياس مع ما نراه الان ، ويدفع ايجاره من راتبه الذى كان معروفا للكثيرين ، و يحرم نفسه من بعض ترف الحياه نتيجة لدخله ، تلك صفات لم نسمع عنها فى عهود اخرى اتخذت من الاستراحات عدد ا هائلا يكاد يوازى محطات الاوتوبيس التى يركبها الغلابة.
اعود واكرر اننى على علم تام بمساؤى عصره ، و اعتقد اننى اجد مبررا لبعضها ، ولا اجد مبررا للقليل منها ، ولكن ما اثق فيه تماما ان الرجل كان يعشق مصر ، و كان يموت لتحقيق كرامة شعبه و بلده ، واثق انه كان يريد بناء مصر عظيمة تقف على اعتاب العصر الحديث و التكنولوجيا الرائده ، كان يحلم بقوة غير موالية لاحد ، و باستقلاليه القرار و السيادة ، يحلم ولكن لم يكتمل الحلم فتحقيق الكرامة فى عالم الاسود يحتاج الى كفاح و ضريبة لم يكمل دفعا ، لان باقى الاقساط واخرها كان سيدفع بعد اكتوبر 1973 ، و الرجل كان قد مات ، ولم نستطع نحن الوفاء .
- إبك على ملك لم تصنه كالرجال قالتها ام الخليفة عبد الله الاحمر لولدها عندما سقطت الاندلس ، وانا اقولها لكل الحكام العرب.
- افتقد دائما شخصية فريدة وددت لو عاصرتها ، شخصية كعمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى كان يدرك اهمية الموارد البشريه قبل الموارد الطبيعية. كان يجلس وسط الصحابة ذات يوم، فقال لهم: تمنُّوا. فقال أحدهم: أتمني أن يملأ هذا البيت مالا فنستخدمها في نصرة الإسلام. كان يفهم أن الموارد تحقق النصر. فقال له عمر: ليست هذه. فقال آخر: يا أمير المؤمنين أتمني أن تُملأ هذه الدار خيلاً، فنُسيرها في سبيل الله فينتصر الإسلام. قال عمر: ليست هذه. فقالوا: قُل لنا أنت يا أمير المؤمنين. قال: أتمني أن تُملأ هذه الدار رجالاً كأبي عبيدة بن الجراح وأسامة بن زيد وخالد بن الوليد وبلال، فيمتلكون المال والخيول فيسيرونها لنصرة الإسلام.
- عندما تطئ قدمى ارض مطار القاهرة ، و اواجه بطريق التعامل معى كعائد الى بلدى بعد طول غياب ، اتذكر مقولة محمد سعد فى فيلم اللمبى : " انت بتعاقبهم عشان حاولوا يهربوا ولا عشان فشلوا " .
- اضمن لكم سقوط النظام فى اى انتخابات يكون فيها التصويت بالمحمول على غرار ما يفعلونه فى ستار اكاديمى او غيره من البرامج ‘ فلن يستطيعوا اسكات الناس و ابعادهم ، ولن يستطيعوا رفع السنج فى وجوههم ، ولكن لن اضمن لكم تواف الخدمة لشبكات شركات المحمول بعدها و الا سيكون نصيبهم الاعلان عن توقيع الشركة الرابعة للمحمول بمصر.
- عندما اسمع و اشاهد خطابا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر او الراحل انور السادات ، اشعر بان الرجل يمتلك كل جوارحى فلا استطيع الالتفات عن شاشة التليفزيون ، او ان اركز مع اى شئ اخر حتى ينتهى الخطاب ، وان لم يعجبنى، و اشعر بقدر الجدية و البراعة فى الالقاء و اختيار الكلمات و اسلوب الالقاء المذهل الذى يتمتع به الرجلان .
- تصيبنى حالة من الغثيان وانا اسمع اى كلام من رئيس الوزراء الحالى احمد نظيف و بالتبعية كل اعضاء مجلسه الموقر لانه افصحهم من وجهة نظرى ، كما تصيبنا كريزة ضحك يصحبها حالة من القرف و الشماته عندما اسمع احد اعضاء مجلس الشعب عن الحزب الوطنى وهو يطلب الكلمة ، اعتقد انها حالة من التوهان و التخبط بين الكلمات وعدم وجود الحد الادنى من اللباقة ورثها كل اعضاء مجلس الشعب ، يمكن عشان فيهم كتير متعلمين بره؟ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق